بسم الله الرحمن الرحيم
لربما كما ذكر اسم طبيب الأذن و الأنف والحنجرة تجلى في بال السامع أو القارئ الكريم عملية ازالة اللوزتين .. ولربما هي من أكثر العمليات شيوعاً في هذا المجال اذا أضفنا لها عملية ازالة اللحمية عند الأطفال والتي في الغالب يكون الحديث عنهما سوية .. لكن في هذا المقال سأتطرق الى اللوزتين فقط وستكون اللحمية في موضوع آخر مستقل .
ماهي اللوزتين ؟!!
اللوزتان هما حزمات صغيرة من نوع معين من النسيج اللمفاوي . يوجد عدة أزواج من تلك الأنسجة المنتشرة بالحلق لعل أكبرها و أهمها بالنسبة لنا الموجود بقرب الحنك أعلى اللسان ( او ما تدعى باللوز الحلقية ) و الأخر خلف اللسان مباشرة ( اللوز اللسانية ) ما يزال هو اللوز الحنكية و هي الأكبر. وبسبب موقعها في الحلق فهي خط الدماغ الأول ضد العدوى التي تدخل عبر الأنف والفم .
يختلف حجم اللوزتين من شخص لآخر و أيضاً من سن الى آخر .. فهي في الغالب تكون أكبر من الطبيعي عند الأطفال من سن سنتين الى سن 6 سنوات و تبدأ بالضمور التدريجي مع التقدم بالسن.
التهاب اللوزتين !!
كما ذكرنا فاللوزتين هي خط الدفاع الأول للحلق .. وهذا يعني أنها الأكثر عرضة للإصابة ، فإذا ما هجم ميكروب عن طريق الفم أو الأنف ، فإن هذا الخط الدفاعي يتصدى له ، وتدور رحى معركة ضارية ، لا تهدأ حتى يتم تحطيم ذلك الميكروب ، ومن الطبيعي أن تكبر هذه العقد اللمفاوية ، وهو دليل صحة لا مرض ، لأنه يعني فعالية تلك العقد ونشاطها في الدفاع عن الجسم ، والحفاظ على صحته …
ولكن قد يحدث أن تكون الميكروبات المهاجمة من القوة والشراسة بحيث تتغلب على هذه الوسائط الدفاعية وتعطبها ، فتصبح هذه العقد عبأً على الجسم ، بدلاً من أن تكون عوناً له ، وهنا يصير من المناسب رفعها لتخليص الجسم من ضررها … ولكن يبقى السؤال المهم ، وهو : متى نستأصل هاتين اللوزتين .!؟
ليس كل التهاب في اللوزتين يستدعي إجراء عملية لإزالتهما ، فهناك أسباب علمية مدونة في المراجع الطبية المتخصصة اذكر منها :
أولاً : الاتهاب البكتيري المزمن .. واعني به الالتهاب الذي يستدعي استعمال المضادات الحيوية أكثر من ست مرات في السنة على أن يكون التشخيص من قبل الأطباء حتى لا يختلط التهاب الحلق او البلعوم مع التهاب اللوزتين على المريض. بالإضافة الى شدة الأعراض المصاحبة لتكرار التهاب اللوزتين مثل وجود انسداد في الأنف أو التهاب في الجيوب أو اللثة أو الأسنان.
ثانياً : في حالة تضحم اللوزتين بشكل مزعج للمريض مما يسبب له انسداد في مجرى الهواء أو صعوبة في بلع الطعام ... أو شخير بالإضافة الى تقطع النوم ( ما يسمى باختناق النوم ) ففي هذه الحالة يتم ازالة اللوزتين .. من باب ازالة السبب.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQ991vhkgWtKvqzspPIFPWrDNWJxHtYaii4qQYt9R4NBQcZRE7Zpxgs8JY3PR1QHtCjpF29Tb0xSk-x7IdY5hyphenhyphenEv9W7fYoG_-ebAJZ9Q6eRuxZ7YNrRmx9FLLg73KiJdLVMWotEsolqN8G/s320/afp20100915p669-uf1.jpg) |
تضخم حاد بالوزتين .. يصيب الأطفال أكثر من البالغين |
ثالثاً : عند اصابة المريض بخراج في اللوزتين يتم في الغالب علاج الخراج في البداية و من ثم يعطى المريض موعداً لإجراء العملية بعد 6 أسابيع .. للإحتمالية عودة الإصابة مرة أخرى.
رابعاً : اذا اكن المريض يعاني من امراض عضوية مزمنة و كانت رؤية طبيبة المعالج أن من الأمن ازالتها كما في حالات الفشل الكلوي او ما بعد زراعة الكلى .. و كذا عند ارتفاع احتمالية اصابة المريض بحمى القلب الروماتيزمي.
خامساً : عندما يتوقع الطبيب وجود احتمالية ورم سرطاني في اللوزة ( غالباً تكون بجهه واحده ) او عند وجود ورم غير معروف المصدر في الرأس !!
و دوماً يبقى قرار الطبيب مبني على أسس و وقواعد متفق عليها طبياً و معروفة .. لكن تختلف من مدرسة لأخرى .. و هذا هو سبب تباين آراء الأطباء دوماً.
؟!!ما قبل إجراء العملية
بعد أن يقرر الطبيب إجراء العملية هناك فحوصات و تحاليل سيقوم باجرائها قبل ذلك .. وغالباً ما تكون بالسؤال عن التاريخ المرضي
لعائلة المريض و الأمراض المزمنه معه و الأدوية المستخدمة ( من المهم اخبار الطبيب عن الأدوية المسيلة للدم كالأسبرين و بالأخص اذا تم تناولها قبل 10 أيام من إجراء العملية).. بالإضافة الى بعض التحاليل الخاصة بسيولة الدم ومن ثم يبدأ التحضير لإجراء العملية بشرح طريقة اجرائها و تبيان الأعراض و المخاطر المتوقعه على المريض بعد اجرائها.
فاذا كان المريض طفلاً كان ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻫﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮﺍ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻭﺻﺮﺍﺣﺔ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻋﻦ العملية ﻭﺃﻥ يمنح ﺷﻌﻮﺭﺍ ﺑﺎﻷﻣـﺎﻥ
ﻭﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻭﺃﻥ ﻳﻘﻨﻌﻮﻩ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺳﻴﺠﻌﻞ ﺻﺤﺘﻪ ﺃفضل ﻭﺃﻥ ﻳﻮﺿﺤﻮﺍ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺸﻌﺮ بألم بسيط بعد العملية ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻓﻘﻂ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ سيزيل جزأ من جسمه ليس ذو أهمية كبرى و يمكن تعويض وظيفتها .. ولو كان هناك من أجرى العملية من نفس سن الطفل كان من الأفضل جمعهم للحديث سوية . وقد وجدت أن افضل ما يحفز الطفل على الهدوء وعده بكمية من الآيسكريم بعد العملية موزعه على دفعات !!
بعد الإستعداد النفسي يفضل أن يحضر المريض الى المستشفى حاملاً مستلزماته الشخصية الصحية من فرشاة أستان و معجون و منشفة و غيرها .. في غالب الأمر هذه العملية تجرى كعملية نهارية او ما يسمى بـ ( عملية اليوم الواحد ) لأن المريض في غالب الأمر يخرج في نفس اليوم اذا لم يكن هناك عارض صحي يمنع ذلك. في غالب الأمر يلتقي المريض بطبيب التخدير قبل فترة من اجراء العملية وسيحصل على بعض الإرشادات منه و التي من ضمنها الصيام عن الأكل مدة تقارب 10 ساعات قبل العملية و تقريباً ساعتين الى 3 ساعات عن الشرب.
عملية الإزالة و طرقها ؟!!
عملية ازالة اللوزتين من أقدم العمليات بل يذكر أن أول عملية اجريت كان قبل أكثر من 3000 سنة !! وهي باختصار ازالة اللوزتين من جانبي الحلق وايقاف النزيف الحاصل من عملية الإزالة. لربما من المفيد الحديث عن مضاعفات العملية الطبية المتوقع حدوثها ... ولعل أشهرها و أخطرها هو النزيف أثناء العملية و بعدها فالنسبة الطبية المعروفة للنزيف تصل الى 2-3% من مجمل العمليات وهذا الرقم في الطب يعتبر عالي !! كما أن معدل الوفيات الناجمة من اجراء العملية تصل الى حالة وفاة لكل 15 ألف مريض تجرى لها العملية ( حمنا الله و اياكم ) لكن من رحمة الله - سبحانه و تعالى - و فضله أن يسر لنا العلم و سخر لنا الآلة التي حدت من تلك الخطورة كثيراً.. فتعددت الطرق و تشكلت المدارس المختلفة .. بعد أن كانت تزال اللوزتان باليد مباشرة !! أو بالمقصلة الصغيرة دون تخدير .. أصبحت الطرق أكثر تحضراً و صحةً و أقل خطورة لكن مازالت الخطورة موجودة !! والإزالة تتم تحت التخدير الكامل .
لعل أشهر الطرق .. وهي ما يستعمل بكثرة في المملكة و في العالم طريقة الكحت و هي ازالة اللوزتين بفصلهما عن مكانهما مع الكبسولة المحيطة بواسطة سكين خاصة و من ثم فصل الجزء السفلي منها بأدالة خاصة و في بعض الأحيان ربط الجزء السفلي من اللوزة لمنع النزيف !! أيضاً هناك طرق أخرى باستعمال المقص الجراحي أو آداة الكي أو بالمقص الكهربائي - غالباً بألمانيا - الذي يقص و يكوي مكان النزيف في الوقت نفسه. بعد الازالة يتم التحكم بنقاط النزيف في
الغالب بالكي الكهربائي .. و في حالة عدم التمكن من ذلك يكون بخياطة مكان النزيف بشكل محكم.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgLSHyILzxqZIQ7o_-X_ewiobX7Y4TC8sooA95rpob4OmvTfU5zsnfw_KN6bdLnobzhnRfFiRSQFCi_ZistznRw5bZNF8oQCNoDIZKZrl-lD4-7-xLJOhHuaHQW8WOKP7y9Xf6jy7hlyGsm/s320/tonsillectomy9.jpg) |
صورة تمثيلية لعملية ازالة اللوزتين |
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgtiPApIvm1IXNcy4H23Mw-LRu484V5JN9ZxdajqoSU4smKhiFF6P48I5J0WxAJIWyuYdofAqwNVLtDkQ6-M3anBzUFVy5Pf6WaLK0FQW6DNtK-9vMsMlA9lV_LnfGWlvmqTiDV6Hr5Rkq/s1600/surgical_instruments.jpg) |
بعض الأدوات المستخدمة في عملية اللوزتين |
هناك حالياً طرق أخرى أيضاً منها الإزالة بالليزر .. وهي بنفس فكرة المقص الكهربائي لكن يتم استعمالها على نطاق ضيق و في الغالب في الأوارم السرطانية باللوزتين .. أيضاً الإزالة بواسطة جهاز خاص يدعى - الكوبليشن - يعمل بفكرة مقاربة لأداة الكي ولكن بخطورة أقل و بتقنية الذبذبات الصوتية .. أيضاً يمكن استعمال الموجات الصوتية في الإزالة لكنها ايضاً تستعمل على نطاق ضيق و ذللك للاحتياطات الكبيرة و التجهيزات الخاصة لغرف العمليات التي تتطلبها تلك الطريقة.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghBuzFqKjXO1QTlMkguLiojOLwe5GNDzbdZXHCYkc62NlJHURJCMA6wte08WBut0lO30wsZmoQU3SmlvQU_V4Cqh1Gwwb4cVE_GebM5-7LltgluqGw_qZ6-1GbPdCsByYarm0NA2irfjlO/s320/tonsil5.jpg) |
صورة لعملية إزالة اللوزتين بطريقة الكوبليشن |
من الطرق أيضاً ازالة جزء من اللوزتين وليس كاملها !! وهذي الطريقة منتشرة غالباً في أوروبا للأطفال الذين يعانون من تضخم اللوزتين دون وجود التهاب مزمن في اللوزتين - وهدف متبعي هذه المدرسة حفظ جزء من وظيفة االوزتين و الاحتفاظ بها لأطول وقت ممكن -
و مازالت هناك العديد من الطرق التي مازالت قيد التجارب و البحث
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEixFLzkI0SdEbEWeeIUTm94l6xnRZ6xY7mnp-zuZxb0w67mKy5TOJPYikkbkH0GsccSXbjx_gEM9VlcuPnkrROR6qec0AF2yN5trlVTbOEUTzFLweVboiovv02ErqeKxALsi_bNGqOsmg8W/s320/tonsillectomy+3+%252C+Dr+Sonia+%252CENT+Specialist+Bangalore.jpg) |
اللوزتين بعد استئصالهما |
------
احتراماً لمشاعر القراء الكرام سأعرض فيديو لعملية ازالة اللوزتين و اللحمية في تدوينه منفصلة لإحتوائها على مشاهد قد لاتناسب صغار السن و من لا يتحمل مناظر الدم -
------
ما بعد العملية ؟!!
بعد العملية يسمح للمريض بالأكل والشرب بعد ساعتين على أن يكون الأكل غير ساخن وسهل البلع. فالمريضعادة يشعر بعد العملية بصعوبة في البلع قد تمتد الى 10 أيام وغالباً ما يكون الألم في أعلاه في اليوم الخامس و السادس خاصة عند البالغين، أما الأطفال عادة يتحسنون بشكل أسرع.
أما نزيف فقد يحصل في الساعات الأولى بعد العملية أو بعد مرور اسبوعان من العملية والذي يكون عادة نتيجة التهاب مكان العملية. وقد بينة الدراسات أن احتمالية النزيف قد تزيد في اليوم الثامن من العملية !! في بعض الحالات عندما يكون تضخم اللوز شديدا يحدث تغيير في نبرة الصوت بعد العملية وعادة يكون التغير للأحسن. و قد تكون بحة في الصوت يعود بعدها الصوت تدريجياً لوضعة الطبيعي قبل العملية . قد يكون المريض في حالة نعاس او يصاب بغثيان في الساعات التي تلي العملية نتيجة للتخدير وعادة ما تختفي هذه الأعراض حتى بدون علاج .
يحصل المريض على راحة مرضية بعد العملية يمكنه فيها ممارسة النشاط الجسدي الخفيف مع تجنب التمارين والعمل الجسدي العنيف لمدة 14 يوم ، ويسمح له بالحمام البارد - أو الدافئ لكن ليس الساخن -والسباحة الخفيفة.. أما بالنسبة للأكل فمن المستحسن في الأيام الأولى بعد العملية تناول المأكولات السهلة للبلع وألا تكون ساخنة، ولا مانع من تناول أيس كريم والعصيرات غير الأسيدية، كما أن استعمال اللبان (العلكة) مسموح. يحصل المريض عادة على مضاد حيوي لمدة أسبوع بعد العملية في حالة توقع حصول التهاب مع مسكن للألم. قد يشتكي المريض من ألم في الأذن وهذا الألم يكون في الغالب طبيعي وهو ألم ينتج بسبب التشابك العصبي في المنطقة ولكن لا يعني بالضرورة التهاب في المنطقة. كما ذكرت في السابق في الغالب يخرج المريض في نفس اليوم و في بعض الحالات يخرج المريض في اليوم التالي للعملية.
في الغالب في مكان العملية تتكون مادة بيضاء مائلة للصفرة مع وجود نقط سوداء - أماكن الكي - بالإضافة الى وجود رائحة كريهة تصدر عن الفم لمدة 12- 14 يوما كما أن اللهاة قد تكون متورمه قليلاً لعدة أيام، وهذا كله طبيعي بعد العملية، ويعود اللون الطبيعي تدريجياً للمكان مع التئام الجرح.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhyc2E-L5kjeSq9d8omJTLUQLJV_INOquFTCJ81oRO8lI1_MSA7_wUFVdaddBHptjVdD-dF87S4s3nJNhYP8sBIyuvtvuLhZytGCSa0REap2iZAeXiDCP8KPayiMpeqXaWHDGZ-IhI8vxPP/s320/2394806_f520.jpg) |
صورة تبين لون النسيج المتكون بعد العملية |
متى أعود للمستشفى ؟
في حالة النزيف ، وقد يكون نزيفاً حاداً اللون الأحمر أو أن المريض قد يقوم ببلع الدم، ومن ثم يتقيأ الدم على شكل مادة حمراء وفي كلتا الحالتين يجب إيقاف النزف. لذا يجب ملاحظة الأطفال فعند ملاحظة تكرر البلع بشكل متواصل قد يكون ذلك أحد عوارض النزيف. أيضاً في حال وجود نزيف أحمر اللون يتجاوز ربع كوب ففي هذه الحالة يتم غسل الحلق بماء مثلج والمسارعة الى اقرب مستشفى و ان كان النزف أخف فالأفضل مراجعة المكان الذي تم اجراء العملية فيه ، في حال عدم القدرة على الأكل أو الشرب مما يسبب جفافا في الجسم ونقصا في التبول، أو في حال استمرار الحرارة المرتفعة لأكثر من يومين. عادة ما يراجع المريض الطبيب بعد أسبوع من خروجه من العملية، ثم بعد 4 أسابيع للإطمئنان على وضعه الصحي.
اتمنى أن أكون وفقت في شرح الموضوع بشكل جيد .. و تمنياتي لكم بدوام الصحة و العافية